الروحانيات فى الإسلام: الكبر الإبليسي والحكم نيابة عن الله .. جحود الحق واحتقار الآخر .. ومتى ستتعلم أن تعيش كإنسان مسلم ؟

بحث في المدونة من خلال جوجل

الأحد، 20 ديسمبر 2015

Textual description of firstImageUrl

الكبر الإبليسي والحكم نيابة عن الله .. جحود الحق واحتقار الآخر .. ومتى ستتعلم أن تعيش كإنسان مسلم ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

.. الفصل الثامن .. من طهارة التوحيد ..
.. الكبر الإبليسي والحكم نيابة عن الله ..
.. جحود الحق واحتقار الآخر ..
.. ومتى ستتعلم أن تعيش كإنسان مسلم ؟ ..


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أهلا بك ساداتي في الفصل الثامن .. وهو يتكلم عن توضيح لمقالة الفصل السادس .. ونتكلم عن الكبر بحكم أنه مربوط بعقيدة الملحدين وغيرهم من منكري الدين ..
وأحب أن أوضح أمورا تحدثت عنها سابقا فيما يتعلق بكلمة الإلحاد ..

** ونتكلم عن الكِبْر بصورة مبسطة ومختصرة .. وعلاقة من يحسبون أنفسهم أنهم على خير لمجرد أنهم يقرأون قرءان أو يصلون .. ويحكمون على الآخرين باللعنة والنار وسوء الدار .. ويحكمون لأنفسهم أنهم من المنعمين وأهل الجنة المقربين ..!!
أولا يعلمون أنه : رب قاريء للقرآن والقرآن يلعنه .. لأنه لم يعمل به !!
فما أقبح قلوبهم ..

** فلازلنا في طهارة التوحيد .. ولكن هذه الصفة مهمة أن نشرحها .. لأنها تتعلق بالإلحاد وتتعلق أيضا بمن يسلكون الطريق إلى الله ..
وعلاقة الكبر بالتوحيد . هو أن التكبر صفة نفسية تستوجب الحجاب عن الله .. لأن المتكبر قد جعل من نفسه ندا لله .. وهو على درجات .. منها ما يدخلك الكفر كالمتكبر عن سماع الحق والإيمان كالملحدين .. ومنها ما يجعل لك حجابا عن رحمة الله .. لاحتقارك للآخرين بلا سبب والنظر بعين النقص .. وهكذا ..
فكيف تكون موحدا وأنت لخلقه مستحقرا .. ؟ فما هذا التوحيد القائم على احتقار الآخر ؟!

** ثم نذكر شيئا من كيفية أن نتأدب بأدب النبي صلى الله عليه وسلم مع الآخر .. الغير مسلم .. كل ذلك بصورة مختصرة جدا جدا .. لأن التركيز على من يحتقرون الآخر بسبب معاصيهم أو جهلهم .. أو إيمانهم ..

** ولذلك لا اتكلم عن المتكبر بماله أو سلطته أو بعلمه .. إلا في إيجاز فقط .. فالمتكبر بعلمه يكفي أن يكون جهله السابق شاهد عليه حتى لا يتكبر .. والمتكبر بماله وسلطته يكفي أن يكون عجزه عن إدراك ما هو مدرك .. شاهدا له لكي لا يتكبر ..
أما المتكبر بالدين على الآخرين فهذا هو من حديثنا معه ..
بسم الله نبدأ
************************************
..:: تعليقا على ما سبق في الفصل السادس ::..

فالإلحاد شرعا : هو المنكر والجاحد لوجود الله جملة وتفصيلا .. ولا يدين بعقيدة دينية سوى عبادة نفسه فقط ..

ولذلك يقول العلماء في كتب العقيدة أو الفروق اللغوية .. أن الفرق بين الكافر والملحد .. هو أن كل ملحد كافر وليس كل كافر ملحد .. لأن الكافر قد يكون مؤمن بإله .. ولكنه جاحد لمنهج الإله أي منكر للمنهج .. مثل المسيحي واليهودي .. فهم يعترفون بوجود إله ولكنهم يجحدون المنهج القرآني والرسالة الخاتمة ورسول الله .. فكأنهم ردوا الأمر على الآمر .. فكانوا كافرين ..

وبناءا على ما سبق : فإن التفرقة بين اللفظين هي تفرقة في حال الحياة الدنيا فقط .. أما في الآخرة .. لمن يختم له جاحد للرسالة الإسلامية .. فهو كافر بمعنى أن فعله كان سببا في حجب رحمة الله من ان تصل إليه .. وكان فعله سببا في نزول الغضب الإلهي عليه ..

** فمقولة ليس كل كافر ملحد وإنما كل ملحد كافر .. هو من باب التفرقة في حال الحياة .. وليس باعتبار انتهاء حياتهم وموتهم .. 
لأن باعتبار الموت على غير التوحيد الإسلامي .. فهو ملحد وكافر .. فلا مجال ولا فرصة لتصحيح مافاته .. ولكن طالما أهل الكتاب أحياء فهم يرجى إيمانهم .. لاعترافهم بوجود إله حتى وإن جحدوا أمره بإنكار الرسالة الإسلامية ..

عموما : فمن يختم له على غير لا إله إلا الله محمد رسول الله .. فهو قد ألحد عن طريق الحق .. وكفر بالله .. لأنه جحد وأنكر محمد رسول الله وجحد وأنكر كتاب الله .. فالجميع تساوى في حكم الآخرة .. الملحد والكتابي .. فكلاهما ملحد وكافر ..

** ولذلك تكلمت في مقال الفصل السادس .. عن الإلحاد باعتبار سوء الخاتمة وليس باعتبار حال الدنيا ..

*********************************
..:: من فضلك : لا تقل أبدا لمسيحي أو يهودي أو ملحد .. يا كافر ::..

لماذا ؟
* لأنك لا تعرف ما هي خاتمته .. والأعمال بالخواتيم .. أليس كذلك !!
* فهل سمعتم يوما رسول الله يقل لليهود .. يا كفار أو يا كافر .. ؟
* فكيف تدعو الآخر إلى دينك وانت تتهمه بالكفر واللعنة ؟!!
* فهل هذه هي الأسوة الحسنة في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ) الأحزاب21
* وهل هذه هي الحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن .. ؟!!

** نعم لقد قال تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) المائدة72 ..

** وقال تعالى : (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) المائدة73

** تأمل الآيتين وستفهم أن العبرة بالخاتمة .. ولذلك قال تعالى (وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) .. فتأمل كلام الله .. فهو يريد منهم أن ينتهوا عن قولهم وعقيدتهم الفاسدة قبل أن يختم لهم على ذلك ..
** فلا نأتي بعد ذلك ونقول لهم يا كفار ..!! ولكن نقول أن مقولتهم وفعلهم يدخلهم في دائرة الكفر إن استمروا على هذه العقيدة .. ولكن لا نتهم أحدا أبدا بالكفر ..

** وكذلك الحال مع أهل المعصية .. فلا نتهم أحدا أبدا من أهل المعاصي "مثل شارب الخمر أو الراقصة أو الزاني أو غير ذلك " ونتهمه بأنه فاجر أو من أصحاب النار .. !!
ولكننا نقول له : .. إن فعله يدخله النار ويجعله عرضة لعذاب الله في الآخرة وفعله يجعل له حجاب في الدنيا بعدم قبول دعاءه ..
** أما هو بذاته فلا نحكم عليه بالنار ولا بالجنة .. فأمره إلى الله إن شاء غفر له الله وإن شاء عذبه .. ولا شأن لنا في ذلك ..

** فإذا كان الله منعنا أن نحكم على أحد بالتقوى .. يقول تعالى (فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) النجم32 .. ولكن من باب حسن الظن بظاهر الحال بهذا العبد فقط .. أنه على حال طيب مع الله .. ولكن لا نحكم عليه أنه من أصحاب الجنة أبدا .. لأن الله أعلم بحاله .

** فإذا كان هذه هو الحال مع من يظن في نفسه التزكية .. فما ظنكم بحال أهل المعصية ؟!!

** فلا نحكم على احد أيها السادة .. (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ) الأنعام57
** أتركوا الخلق للخالق .. هو الحكم العدل .. وهو المطلع على أحوال الناس .. وقلوبهم .. فكم من مسلم يسير وقبل موته يموت كافرا .. وكم من كافر يسير وقبل موته يموت مسلما .. والله أعلم بالخواتيم ..
فلنتقي الله في أنفسنا .. ونسأل الله أن يحسن خاتمتنا ..
********************************
..:: اتهام الآخرين بالنقيصة بسبب المعصية !! ::..

اعلم أن من يعيش على اتهام الآخرين بالنقيصة .. وينظر إليهم بعين النقص والإحتقار .. فاعلم يقينا أنه هو في نفسه حقير وليس محل نظر الله .. لأنه تكبر على الخلق في نفسه وتعالى عليهم .. وهذا المخلوق الذي يفعل ذلك قد ارتكب جريمتين .. وهما :

*****************************
( الجريمة الأولى )
..:: الكبر الإبليسي .. "أنا خير منه" ::..

الجريمة الأولي : التكبر على الخلق .. ويرى في نفسه الخيرية على من حوله .. حتى يظن في نفسه حينما يتعبد أنه على خير وانه من اهل الله وأنه ليس هناك من الخلق من هم يفعلون ذلك .. بل أن البعض أقرأ في نفوسهم أنه يظنون أن لو كان لازال هناك وحيا لكان هو أحق بذلك الوحي .. !!!

** نعود فنتكلم على من ينظر للعاصي بعين الإحتقار .. والسبب هو أن هذا العاصي ارتكب معصية أو كبيرة من الكبائر .. ولهذا السبب فهو يستحق الإحتقار والإبتعاد عنه والنفور منه ..
ولا يعلم هذا المريض قلبيا أن المعصية قد تكون سببا للطاعة فيما بعد .. فرب معصية أورثت في القلب ذلا لله وانكسار .. ورب طاعة أورثت في القلب جحودا واستكبارا ..

** الكبر الإبليسي : جمع ما بين عدم قبول الحق وسماع الأمر الإلهي وقام برده ، وبين احتقار آدم والإستهانة به ..
فهذا إبليس اللعين كان من الطائعين العابدين .. ولكنه كان يفعل ذلك حتى تظل صورته أمام الملائكة أنه العبد المطيع .. فلما أراد الله فضيحته .. وأدخله الفتنة ..

* فقد انكشف أمره وتكبر على أن يتقبل أمر الله له بالسجود .. ( إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً ) الإسراء61 ..
* بل وعلل الأمر وذكر السبب في ذكر أنه يرى الخيرية ويبصر الحكمة أكثر من مولاه فقال ( قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ) الأعراف12
* فكانت العاقبة ( قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ . وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ) الحجر34

** وإذا فعل مثل هذه المعاصي .. هذا المريض قلبيا الذي يحتقر الآخرين لمعصيتهم .. فهو يقول .. إن الله غفور رحيم .. ومن منا لا يخطيء .. وخير الخاطئين هم التائبين .. وهكذا ...
فقط أوجد رحمة الله عنده هو فقط .. ولكن حينما أخطأ الآخرون .. فهو ينصب نفسه إلها ليدخلهم النار ..!!

هذا المريض قلبيا وعقليا .. يظهر عيوب الآخرين .. لاستحسان صفات نفسه .. فما أقبحه من قلب ..

                 *********************************
..:: الرسول يشرح ما هو الكبر ::..

# قال رسول الله في وصف الكبر (الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ)
أي رد الحق وعدم الأعتراف بالحق وعدم الرضا بالحق  ، واحتقار الناس والإستهانة بهم والطعن فيهم .. فالكبر نوعين :

** النوع الأول هو عدم قبول الحق ..

و هو ما صدر من إبليس في عدم قبول الحق .. ومثله مثل ما جاء في القرآن ( إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ) الصافات35 .. مثل الملحدين وكذلك من يرفض تطبيق المنهج الديني عليه .. وقد تكلمنا عن فكرهم بما لا حاجة للإعادة .. مع ملاحظة أن هذه صفتهم على مر العصور والأزمان وهي ( إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ) .. لأنها منهج سيخالف شهواتهم ويفسد عليهم طغيانهم ..

** النوع الثاني هو احتقار الناس والإستهانة بهم ..

يكفي قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( بِحسْبِ المْرِء مِنَ الشرّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلمَ )

# ونسى هذا المحتقر للعاصي .. أنه شهد لنفسه أنه ليس مؤمنا .. ففي الحديث  ( صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ : لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ )

# ونسى قول النبي : ( الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )

 ** ويقول هذا المخلوق المريض القلب .. بين أقرانه وأصحابه .. لا نريد أن نطعن في أحد ولا نتكلم عن أحد !! .. ويظل يلمز ويغمز .. وفي داخله إنسان مريض القلب .. مريض العقل .. يرى عيوب الناس ليستمد منها استكباره على الخلق .. وينظر إليهم بنظرة المجرم .. وفي الحقيقة هو المجرم وليس غيره ..

********************************
..:: احتقار الناس باطنا ::..

كثير منا قد لا يحتقرون الناس بظاهر الحال أو بالكلام .. ولكن في أنفسهم توجد غضاضة واحتقار داخلي غير ظاهر .. والسبب أيضا هو معصية الآخر .. أو احتقار جهله .. أو احتقار حاله الإجتماعي  !!

وهذا النوع وإن كان أرحم ممن يجهرون بالكبر .. إلا أنه مخطأ في حق نفسه لجعله وجود حجاب في داخله .. لأنه في النهاية لازال الكبر في النفس هو من يحرك هذا الإنسان في اتخاذ قراراته ..!!
****************************
..:: ساعد نفسك وغيرك .. واعلم أن الأيام دول ::..

فكن ناظرا للخلق بالرحمة بدلا من النظر إليهم بالنقمة .. وادعوا لهم ولا تدعو عليهم .. فلعل دعائك لهم .. يكون عونا لك حين معصيتك .. وقل : (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) الحشر10

** وبدلا من النظر بعين الإحتقار .. فانظر بعين الاستغفار والإنكسار .. وادعوا للأخر .. وانكسر إلى الله أن يعافيك .. وقل : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثير من خلقه ..

** فالأيام دول بيننا .. فعلم نفسك ان تدعو لغيرك .. فقد تعصي غدا وتحتاج لمن يدعو لك .. وبقدر الإحسان يكون الفضل والإمتنان .. ولا يظلم ربك أحدا ..

** وكل من لم يجد من يساعده أو ياخذ بيده أو يواسيه .. فليعلم انه لم يفعل ذلك في سابق عهده .. فلا يشكو .. لأن ربك ليس بظلام للعبيد .. وكما تدين تدان .. وكما تفعل يُفعل بك ..

********************************
..:: الكبر ليس له حدود ::..

الكبر ليس في الدين فقط .. ولكن في العلم وفي المال .. فهناك من يحتقر الناس لأنه يرى في نفسه انه يعلم ..!!
وهناك من يحتقر الناس لأنه يملك مالا وسلطة ..!!

** ولن تجد أحمق من هؤلاء على وجه الأرض .. لأنه لو كان ما يعلمه حقا .. لعلم أنه كان جاهلا سابقا .. فيتواضع للناس
ولو كان صاحب المال .. ماله حلالا .. لعلم أن فيه حقا للفقراء وأنه شرفا له أن يكون لهم معينا وقاض لحاجاتهم ..

** فهذا هو حال المنافقين في كل زمان ومكان .. يقول تعالى :
( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) التوبة67

*****************************

..:: تصورات في العقل خاطئة ::..

بعض الناس تعتقد أن الكبر صفة جامدة .. مثل الصخرة .. ممكن ان تلقيها فتتخلص منها .. هكذا بمنتهى البساطة .. !!
لا .. فأنت مخطأ .. فالصفات النفسية لا تختفي من الإنسان إلا بقدر طاعتك لمولاك .. فهي كالدم المخلوط بالمخدرات أو بدخان السخائر .. فحينما يقول الإنسان سأتوقف عن السجائر أو المخدرات .. فليس هذا معناه أنه تخلص منها ..!!
ولكن يظل أسابيع وشهور في معاناه .. ليتم تنقية الدم ويعود لوضعه الطبيعي ..
فكذلك الحال .. يظل الانسان في جهاد ليتحرر من صفة الكبر قدر استطاعته .. لأنه بقدر تخلصه من الكبر .. سيكون تقربه من الله ..
****************************
..:: الكبر ليس صفة قبيحة على الإطلاق ::..

الكبر ولو كان صفة قبيحة في التعاملات مع الناس أو مع الله .. ولكن صفة حميدة في مواجهة العدو ..
فالصفات قد أعطاها الله لك .. وعليك أن تحسن توظيفها .. مع الله ..
فمثلا : منه قوله صلى الله عليه وسلم لأبي دجانة لما رآه يختال عند القتال : ( إن هذه مشية يبغضها الله ورسوله إلا في هذا الموطن )

** فأبصر كيف توظف الصفات فيك لتعمل بها مع الله .. بدلا من أن تشبع بها رغبات نفسك .. سواء باستحسان نفسك أو باحتقار الآخرين ..
********************************
..:: الجريمة الثانية : يحكم على الناس بصفة الألوهية ::..

الجريمة الثانية : الذي يرتكبها من يحسبون نفسهم أنهم على خير وأنهم أهل الإيمان .. هو أنه قام بتنصيب نفسه إلها ليحكم على الناس بإدخالهم النار ..
ولا أدرى بأي دين هم يحكمون بذلك .. فالأمر عندهم ليس فقط من يخالف دينهم ولكن أيضا من يرتكب معصية وهو على مثل دينهم .. !!
وكأنه العاصي أصبح حيوانا .. مفترسا .. علينا أن نتجنبه .. !!

** أضف إلى ما سبق أنه لم يكتفي بحكمه على الآخر فقط بأنه من أصحاب النار ولكنه حكم على نفسه أيضا أنه من أصحاب الجنة  ..  !!!
أهذا إنسان عاقل ؟!

** والقرآن قال فقط أن نتجنب من يخالف المنهج .. ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) الحجر85
أي فأعرض عن الكفار وتجاوز عنهم بلا إساءه لهم ..

** فإذا كان هذا هو الحال مع الكافر .. أنصنع مع المؤمن سياسة الإحتقار . أفلا تعقلون ؟!

** واقرأ قوله تعالى حتى تعلم أن سياسة الإعراض .. هي طريقة الأنبياء والتوجيه الإلهي ...

* ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) الحجر94
* ( فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) النجم29
* ( اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) الأنعام106
* ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) الأعراف199
* ( يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ ) هود76
* ( يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ ) يوسف29

** فهذا كان حال الأنبياء .. هو الإعراض .. بلا شتيمة ولا طعن ولا قلة أدب ..
فأين نحن أيها السادة من هذا التوجيه الإلهي ؟!!

** وأيضا هذا هو حال المؤمنين .. اقر قوله تعالى : ( وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ) القصص55
فالمؤمن يسمع الشتم والاستهزاء .. ومع ذلك يهتم بحاله مع الله .. ويترك حال الاخرين .. بل ويعيش معهم في سلام .. ولا يخوض مع الجاهلين ..

** ولكن لماذا المؤمن يترك باب السلام مع الآخرين ؟ .. لقوله تعالى : ( فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) التوبة11

*********************************
..:: نداء لكل من هداه الله .. أن لا يطعن على عاصي ::..

إلى متى ستظل تتهم الآخر وتنتقص منه ..؟
إلى متى ستظل تعتقد في نفسك أنك تفهم أكثر من الآخرين ؟
إلى متى ستظل مستوليا ومستبيحا أعراض الناس ؟
إلى متى ستظل ظالما للناس بحكمك عليهم بما لا تعلم ؟

قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ) النساء94

فلا تنسى نفسك من كنت سابقا .. كنت كذلك تعصي .. ومن الممكن أنك كنت كافرا .. فأنعم الله عليك بالإيمان .. فلا تطعن فيمن هو ليس على قدر من الإيمان أو العلم ..
فكن رحيما .. فالراحمون يرحمهم الرحمن ... ولا يظلم ربك أحدا ..

** أيها الناس يا من ينصبون أنفسهم في منصب الإله .. ويحكمون على الناس بانهم من أصحاب النار .. أبشروا بأنكم من أصحاب النار .. لأنكم نازعتم الله في حكمه وجعلتم لكم حكما مع حكم الله .. وكأنكم تقولون بحلول الإله فيكم .. فالإله يتكلم على ألسنتكم ..!! فما أقبحكم ؟

** ويقال فيكم كما قيل في اليهود ( وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) البقرة80

** ويقال فيكم كما قيل في العاص بن وائل (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً{77} أَاطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً{78} كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدّاً) سورة مريم ..

******************************

..::: سورة الكهف تساعد في العلاج من الكبر ::..

من فضائلها أنها تجعل لك نورا من الجمعة الى الجمعة .. إذا قرأتها في ليلة الجمعة أو يومها وتعصم من الدجال .. كما جاء في الحديث ( من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء ) ، وقال صلى الله عليه وسلم ( من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال )

** وهذا النور قد يكون حقيقي .. بأن يجعل الله لك وصالا مع الله فتكون مقبول الدعاء .. وطبعا العطاءات القرآنية تتوقف على صفاء القلب مع الله ..
** وقد يكون هذا النور باطني .. نتيجة لأنك فهمت أن السورة تتكلم عن أربعة أمور .. وعملت على أن تتجنبها .. وهذه الأمور هي :
1- فتنة العقيدة ..
2- فتنة المال ..
3- فتنة العلم ...
4- فتنة الملك والسلطة ..
فإذا تجنبت فتنة الدين والمال والعلم والسلطة .. تكون قد جعلت بينك وبين السماء نورا .. لأن باطنك يكون قد طهر من الكبر .. ومن طهر باطنه فلا يكون للشيطان إليه سبيلا ..
والله أعلم ..

****************************

..:: ختاما ::..

تذكر أنك لا تحكم على الناس بالجنة والنار .. ولكن أنت تحكم بالشريعة على أعمالهم بأنها قد يدخلهم النار إن استمروا على ذلك وختم الله لهم بذلك ..
فأنت تحكم على الأعمال وليس على الإنسان نفسه ..
** ففرق بين أن تقول لإنسان أنت كافر .. وبين ان تقول له ان فعلك يؤدي إلى الكفر ..
** وفرق بين ان تقول له أنت عاصي .. وبين أن تقول له أن فعلك يعتبر معصية في حق الله ..

** رجاءا  .. لا تكفر أحد ولا تفسق أحد ولا تعصي أحد .. فالجميع أمرهم إلى الله .. إن شاء عذب وإن شاء غفر .. فالملك ملكه والحكم حكمه ..
(اتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) البقرة223


تحياتي لكم 

والله أعلم 

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم


هذه المقالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام - ولا يحق لأحد نقل أى موضوع من مواضيعة إلا بإذن من صاحب المدونة - ا/ خالد ابوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .

هناك 11 تعليقًا:

  1. السلام عليكم /استاذى الفاضل

    موضوع اكثر من رائع ..
    ذكرنى باول درس علمتنى اياه احتقار النفس
    و سمعت صوت داخلى بقول لى انتى (زباله)
    فى البدايه فزعت و ركزت و قلت نعم من انا ؟؟؟
    انا لست سوى نفس اماره بالسوء ..زباله ..هههههههههه
    الى الان استاذى احفظ الدرس و لكن لى سوال
    هل اذا اظهرت علم علمتنى اياه مع العلم انى دائما اقول
    مما علمنى استاذى هل هذا يكون تكبر نيتى توصيل علمك .؟؟؟
    .مع العلم حتى هذا الصباح تكلمنى صديقه لى تحسبنى على خير
    ..قلت لها انا اصلا زباله و انتى بقلبك افضل منى
    تحياتى لك استاذى

    ردحذف
    الردود
    1. إظهار العلم ليس فيه فتنة .. ولكن الفتنة تكمن في احتقار الاخر .. حينما نمنحه العلم .. أو نمنعه عنه لأننا نرى أنه لا يستحق ..
      ففي الحالتين هو احتقار للآخر ..
      ولكن كلما استطعتي المساعدة .. فساعدي .. فلعل مساعدتك تكون سند لك في الاخرة ..
      فالمشكلة أن يعجب الانسان بعمله ثم يرائى به .. والخطوة التالية هي أن يتكبر على الخلق ..

      والزبالة ليس المقصود بها المعنى الحرفي .. ولكن أقصد بها وجود كراكيب ( لغبطة ) كتير في القلب .. تحتاج إلى إعادة ترتيب ..

      تحياتي لك

      حذف
    2. وهناك مجموعة من الناس تتصنع بالكلام أنها من أهل الله صنا منه أنه هكذا يتخلص من كبره .. فيظل يقول " الفقير الى مولاه " عمل كذا وكذا .. ويقصد بالفقير .. شخصه الكريم .. وكأنه بهذا الاسم أصبح فقيرا بجد ..
      امر عجيب ..!!
      فالفقر القلبي هو حال مع الله وليس لقب نتعامل به .. ؟!!

      فلا داعي للتصنع بما لا يعود علينا بالنفع ..

      وأيضا لا مانع أن يتسمى احدا بذلك .. ولكن شرط أن يكون على قدر هذا الاسم ..

      تحياتي لكم

      حذف
  2. سَلُمَت يمناك استاذ خالد
    واكثر جزء عجبنى فى المقال هو جزء العلاج من الكبر
    جزاك الله كل الخير يارب

    ردحذف
  3. حكايه لكل مقاله :)
    وكنت اتمنى ان تكون الحكايه قريبه من موضوع المقاله ولكن هى مفيده ولها معنى عميق ويمس الى حد ما الموضوع

    حكايه
    البصر والبصيره

    ولد وقضى 30 عامًا من حياته أعمى........ومع تطور الطب أتيحت له فرصة أن يقوم بعملية تجعله يبصر...
    ذهب إلى المستشفى وأجرى العملية...وجاءه الطبيب ليزيل الشاش من على عينيه.....فتح عينيه ليرى النور لأول مرة في حياته !!....هي حالة لم تتكرر سوى مرات قليلة جدا في العالم كله (أن يبصر رجل بعد أن يولد أعمى)

    ردة الفعل كانت مفجعة له...فلم يستطع أن يميز أي شيء يراه....
    قد قضى طوال حياته منذ أن ولد يتعرف على الأشياء عن طريق اللمس...
    فهو لا يعرف ما هي التفاحة إلا باللمس 
    ولا يعرف معنى الألوان ولا حتى شكل الإنسان..لدرجة أنه لا يعرف معنى اقتراب الشيء منه وبعده عنه ..فهذه كلها أمور لا يفهمها ولا يترجمها إلا من استخدم عينيه من قبل....
    عقله ارتبط طوال حياته باللمس ...ولم توجد أي صلة بين عينيه وعقله.....قضى الأسابيع الأولى بعد العملية وهو كالأعمي...فهو يبصر ولكنه لا يفهم ما يبصره....ثم بدأ يتعرف على الأشياء تدريجيا...يرى التفاحة فلا يعرفها ثم يلمسها فيتعرف عليها فيربط بين ما رآه بعينه وما تعرف عليه بلمسه فيفهم عقله.....مضى على هذا الحال أشهر...ولأنه لم يعتد على النظر من قبل فقد بدأ يلاحظ أمور لا يلاحظها الإنسان العادي..
    فبدأ يرى تعابير الوجه البسيطة ويتعرف عليها...فأصبح يلاحظ تعابير النفاق والكذب والارتباك وهي أمور لا يلاحظها الانسان العادي (إلا من أعطي الفراسة)...ومن هنا فهمت معنى الفراسة....فالفراسة هي القدرة على ملاحظة دقائق تعابير الوجه فترى أمور لا يراها غيرك...وقد كان بعض السلف يرى أثر الذنب على وجه الشخص إذا دخل عليه !!... 

    نعود إلى صاحبنا الذي أصبح يستمتع بأمور لا يلقي لها الإنسان العادي بالا...يستمتع بشروق الشمس وغروبها ، يستمتع بمنظر الطفل البريء وهو يبكي...يستمتع بمنظر الطيور وهي تحلق في السماء... 
    بعد عدة أشهر حدث له أمر لأول مرة...وهو أنه جاءته حالة ظلام مفاجئ لثوان معدودة...ثم عاد بصره مرة أخرى...تكررت الحالة عدة مرات وبدأت تزداد فذهب إلى الطبيب الذي أجرى عليه بعض الفحوصات وقال له : يؤسفني ابلاغك أن المشكلة في عينيك عادت مرة أخرى وأنك ستفقد بصرك خلال أيام !!...ياالله !!...شعور رهيب شعر به ذلك الرجل بعد أن قضى أشهرا وهو يرى بعينيه....وبالفعل بدأت الحالة تزداد سوءا وما هي إلا أيام وفقد بصره مرة أخرى !!... 

    _______________________________________________

    وقد عبر الرجل عن ما استفادته من تلك التجربة بقوله (بما معناه) : 

    ليس الأعمى من لا يرى...وإنما الأعمى هو الذي لا يشعر بما يراه ولا يتدبر فيه...فكم من بصير يرى بعينيه ولكن قلبه لا يرى شيئا ، وكم من أعمى البصر ولكن قلبه يرى !
    وتلخيص ذلك قوله تعالى (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) 
    نعمة البصر ...من أعظم النعم ، فلنحمد الله عليها في سجودنا اليوم .....
    ولن اكتب الكثير من العبر فى هذه الحكايه ليضع الاستاذ خالد بصمته فيها

    __________
    للعلم الحكايه منقوله

    ردحذف
    الردود
    1. أرجو أن تكوني اطلعتي على تعليق قصة الفيل في الموضوع السابق ..
      ***********************
      أما عن هذه القصة :
      اذا تعاملنا مع العين على أنها النفس الإنساني ..
      فكلما كانت النفس قانعة بما هي فيه .. فهي راضية ومستكينة ..
      وحينما تتطلع لمباهج الدنيا .. فتبدأ تتعلق بهذا وذاك .. وتنسى ما كانت عليه من قبل .. حتى تغفل ..
      فالأفضل لها دائما أن ترضى بما قسمه الله لها وتقنع بما هي عليه .. فلا أحد يدري ما حجب عنه هل هو خير له أم شر عليه ..
      وحقيقة فعلا .. أن القلوب هي التي تعمى وليس العيون .. وبقدر عمى القلب بقدر طغيان النفس ..

      ****************
      وليس معنى ذلك عدم السعي والبحث عن الأفضل .. لا .. ولكن السعي بتوكل على الله يقينا .. تستوجب الرضا في النفس في كل الاحوال سواء كان نتيجة السعي سلبية او ايجابية ..
      فلو نظر الى النتيجة السلبية فقط .. فهو لم يتوكل على الله أصلا .. لأن التوكل تفويض .. والتفويض تسليم لمجريات القدر ..
      فالإعتراض يؤدي للإطراد .. فالمعترض مطرد .. والله لا يظلم أحدا ..

      حذف
  4. غير معرف21/12/15 12:14 م

    اللهم صلي على سيد السادات وشمس البركات وهداية الهدايات ومبدد الظلمات والمستغاث به في الكروبات نور القلوب وسيلة غفران الذنوب وطريقنا للمحبوب وعلى اله وسلم في احد المرات سمعت شيخ من الصالحين في احد المحاضرات تكلم عن علم السوابق والخواتيم وقال ان هذا العلم اندثر ولااحد يتكلم عنه وقال ياابنائي ابحثوا عن علم الصديقية الكبرى وعن العارفين بالله ولدي سوال بالنسبة لموضوع الكبر على اهل الكبر صدقة فبعض الناس لديهم صفات نفسية من كبر وخيلاء وشايفين انفسهم فوق الناس وعندما تعاملهم بادب وتواضع لايحترموك وعندما تعاملهم بنفس اسلوبهم تراهم يخضعون ويتادبون ويحترموك فهل انا مذنب اذا تكبرت على هؤلاء المخلوقات اللهم صلي على النور الاحمدي والذات المحمدي ولاتحرمنا رؤته في الدنيا ولاشفاعته في الاخرة وعلى اله وسلم

    ردحذف
    الردود
    1. يقول تعالى ( وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ ) البقرة 251
      ويقول تعالى ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة 2

      لا شيء عليك أخي مجد .. فالتكبر لله .. على المتكبر .. هو في حد ذاته طاعة لله ..
      ومعنى التكبر لله : أي لنشر الخير في الارض وقهر الظلم طلبا لرضا الله وطاعته وإقامة العدل .. لأنه أمر يرضي الله ..

      ولكن قبل أن تتكلم بنفس طريقتهم .. خاف على نفسك أن تصاب بمرض في قلبك فتصبح مثلهم ..
      واعلم أن النصر مع الصبر .. وأن مع العسر يسرا ..

      تحياتي لك

      حذف
    2. ---------- اخوكم الوليد ------
      تحضرني قصة في هذا السياق و هي قصة واقعية لشيخ من تونس و اسمه عبد الفتاح مورو و هو من قادة العمل الاسلامي هناك
      ..
      يقول انه لما كان شابا كان يسعى كل يوم لادخال احد الناس الى المسجد ليسمع كلام الله ..
      فيرفضه البعض و يقبل اخرون
      و في يوم من الايام ادخل معه رجل ثم تبين بعد ذلك انه مخمور فرائحة الخمر غمرت المكان و لكن صاحبنا عبد الفتاح لم ينتبه لذلك الا بعد ما تهجم بعض رواد المسجد على المخمور محاولين ضربه و اخراجه من بيت الله فحاول صاحبنا حمايته و فناله ضرب النعال و العصي و لكنه لم يسلمه لهم ..
      ثم طلبوا من السكير ان يغادر المسجد و لكنه رفض
      فحان وقت الصلاة فانشغلوا عنه بالصلاة فاتخذ مكانا في طرف الصف الاول و ابتعد عنه المصلون بضعة امتار ..
      فلما فرغوا من الصلاة ذهب له صاحبنا ليخرجه من المسجد كما ادخله فوجده ساجدا ..فقال في نفسه هو لا يعرف الصلاة فربما استزاد سجدة بعد الامام ..و لكنه اطال اكثر من اللازم فلما ذهب اليه صاحبنا و حركه و جد روحه قد عادت الى خالقه ..
      نعم مات المخمور ساجدا ..
      فلا يحقرن احدكم غيره فلا تدري بما يختم لك
      ----
      القصة واقعية و اعتقد انها موجودة على اليتوب يروها الشيخ بنفسه .

      حذف
  5. غير معرف22/12/15 12:29 م

    بارك الله فيك اخونا الوليد على القصة المؤثرة...
    لا بد ان هذا الاخ رغم ان عقله كان مخمور بالخمره الا ان قلبه كان مخمورا بحب مولاه..
    اللهم اغفر لنا و تب علينا و طهر قلوبنا و املاها بحبك لا سواك

    ردحذف
  6. السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته...
    سيدي الحبيب...و اخي العزيز...الكبر من أعظم الامراض التي تهوي بصاحبها الى جهنم...نعوذ بالله منها
    و هناك يا سيدي نوع من الكبر...كأن يظن الشخص نفسه انه دائما على حق...و هو أمر خطير و كثيرا ما يفتتن به العلماء...
    بارك الله فيك يا سيدي و أستاذي الغالي...تحياتي الخالصة

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف